شبكة كراسي اليونسكو تدعو إلى وضع دور وسائل الإعلام على المحك في ظل أزمات وصراعات السياسة والهوية
قام سِتّون باحثا وخبيرا دوليا بتدارس أهم التحولات التي أفرزتها شبكات التواصل الاجتماعي في المشهد الإعلامي السياسي والفكري على الصعيد العالمي الذي ما برح يواجه صراعات لا نظير لها أحيانا، والتي تهدد السلام واستقرار النظام السياسي الدولي.
وخلال أشغال الجمع العام السنوي السادس للشبكة الدولية لكراسي اليونسكو في الاتصال (أوربيكوم)، أبرز مؤسسو ومدراء الكراسي وكذا خبراء ومسؤولو اليونسكو، ممثلون عن 37 دولة من كافة القارات،أن الإعلام بكل أشكاله، يشهد حاليا مستجدات وتغيرات جذرية تفرض مراجعة النظريات والمبادئ التي شكلت إطارا لهذا المجال على مدى عقود. كما أوضح بعضهم أن آليات التواصل التي يوفرها المشهد الرقمي ( مواقع التواصل الاجتماعي، المنتديات والصور والفيديوهات)، أفضت إلى قلب الأدوار وإيلاء اهتمام متمرد ومُتسرِّعٌ لا تَبَصُّر فيه ولا رَويَّة بالأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
وخلال تدخله في مائدة مستديرة من بين تمانيه أطرت هذا اللقاء، أكّد السيد جمال الدين ناجي، المدير العام للاتصال السمعي البصري وعضو المجلس الإداري للشبكة، على أن تلك التحولات تدعو إلى "إعادة النظر في الدور الجديد للصحفي في عالم يحتاج إلى السلم والسلام ويتطلب إسهام وسائل الإعلام في حل النزاع وتعزيز الحوار والتعايش السلمي بين الشعوب والثقافات". وأيّد المشاركون في هذا الاجتماع فكرة مساهمة وسائل الاعلام في نشر قيم السلم والتعايش والحرية والاستفادة من التطور الذي أحرزه مجال التكنولوجيات الرقمية وذلك قصد النهوض بأخلاقيات المهنة فيما يتعلق بالتنقيب عن الحقيقة واحترام الرأي.
شدّد رئيس وزراء ماليزيا السابق السيد محمد مهاتير، الذي حل ضيف شرف على الاجتماع، على ضرورة تعزيز دور وسائل الإعلام في الترويج للسلام في العالم، موضحا أن التخفيض من حدة النزاعات التي تتكاثر في كل أرجاء العالم، يقوم على كيفية تعامل الإعلام مع هذه النزاعات ومدى سعيه لمحاربة انتشار العداء والكراهية. وأضاف أن العنصر البشري اليوم يعد مركز اهتمام المشهد الإعلامي لأنه صار فاعلا في تداول المعلومات، مشيرا إلى أن نشر الأفكار الداعية إلى السلام يقتضي مرافقة الشباب منذ سن مبكر لحاجتهم الملحة إلى تكوين هادف في المجالات المرتبطة بالسلام والتعايش واحترام الآخر.
ومن جهته أخرى، أكد السيد جمال الدين ناجي مؤسس كرسي اليونسكو للاتصال بالرباط، أن الصحافة بشكل عام تعرضت خلال العقد الأخير لانتقادات جراء التغيرات التي عرفها المشهد الإعلامي خصوصا، بعد أن تطلعت إلى القيام بدور مهم في الحروب والصراعات والخلافات بين الشعوب والأديان والثقافات.
وأوضح السيد ناجي أن الصحافة كانت في بادئ الأمر تبحث عن الحقيقة وتسعى إلى نشرها، في زمن كانت تراعى وتحترم فيه الأخلاقيات والمبادئ، ويتنامى فيه التفكير النقدي كما تعزز فيه قيم التسامح والتعايش. وأنهى مداخلته قائلا أن "تحليل التحولات التي طرأت على سياسة الاتصال والإعلام، فيما يتعلق بالدور الهام لتقنيات استطلاعات الرأي والتسويق السياسي وشبكات التواصل الاجتماعي، يفرض التمعن في ماهية ركائز وأسس مهنة الصحافة، التي أصبحت تستوجب الاعتماد على الحس النقدي في تحديث ومراجعة نظريات الاتصال والإعلام التي لا زالت الأبحاث تستند إليها إلى يومنا هذا"...ومن هنا وجب إعادة قراءة نظريات الإعلام و الاتصال التي راكمناها مند عقود و تحيين فرضياتها و خلاصاتها.