تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تنظم الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بالرباط مؤتمرا إفريقيا حول حماية الطفولة والتربية على الاعلام
نظمت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة الدولية والشبكة الإفريقية لهيئات تقنين الاتصال، مؤتمرا إفريقيا حول "حماية الطفولة والتربية على الإعلام"، وذلك يومي 23 و24 نونبر 2017 بالرباط، احتفالا بالذكرى الثامنة والعشرين لليوم العالمي لحقوق الطفل.
وقد أشرفت السيدة أمينة لمريني الوهابي، رئيسة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، على افتتاح أشغال هذا المؤتمر إذ أشارت إلى أن هذه الفعاليات تنخرط ضمن استراتيجية الهيأة العليا لحماية الطفولة، وورقة العمل التي أعدتها الشبكة الافريقية لهيئات تقنين الاتصال في هذا الصدد، إضافة إلى تزامنه مع الاحتفاء بالأسبوع العالمي للتربية على الإعلام والمعلومة. وتذكيرا بالمرجعيات الدولية التي أكدت على حماية الطفل، أشارت السيدة لمريني إلى الدعامات الأساسية التي تتضمنها اتفاقية حقوق الطفل، والتي تختزل في الحماية والتعزيز وتقديم الخدمات والمشاركة.
وساهمت السيدة الرئيسة في إغناء مختلف مناقشات التي تخللت هذا اللقاء حيث ذكرت بعدة تواريخ أساسية تبرز تطور مفهوم التربية على الإعلام، الذي بصم انتقال المجتمع من صناعي محض إلى رقمي معلوماتي لا يتميز فقط بتحليل المعلومة بل بضبط تدفقها. وبعد ذلك، سلطت السيدة الرئيسة الضوء على مزايا التكنولوجيا الحديثة للاتصال والمعلومات ومخاطرها على الجمهور الناشئ، مضيفة أن على الجيل الجديد الذي نشأ في بيئة من التواصل التكنولوجي أن يتسلح بمهارة التفكير النقدي، موضحة أن "التفكير النقدي لا يُنتج أو يُتلقى، بل هو مهارة تتطور عبر الزمن".
ومن جهته، ارتأى السيد جمال الدين ناجي، مدير عام الهاكا، تقريب الحضور من السياق الذي يندرج فيه موضوع هذا المؤتمر، مشيرا إلى أن الهيأة العليا تسعى إلى "مشاركة مجموع هذه المناقشات مع باقي إخواننا في إفريقيا، بحكم السياق الخاص ببلداننا والإشكاليات الذي يطرحها، والتي تختلف تماما عن البلدان الأوروبية مثلا." وأكد السيد ناجي على أن حماية الجمهور الناشئ، ولا سيما الأطفال، تعتبر ضمن المهام الكبرى لهيئات التقنين. كما سلط الضوء على المخاطر التي يتعرض لها المواطن الرقمي، خاصة الطفل، في مواجهته للتطور الهائل للأنترنيت، ولا سيما عبر خورزميات الغافا الشهيرة (غوغل وآبل وفايسبوك وأمازون).
ولم تفت السيد جمال الدين ناجي فرصة التأكيد على أن المهمة الرئيسية للمدرسة لا تكمن فقط في تلقين الطفل كيفية القراءة والكتابة، بل تتعدى ذلك اليوم، وفي ظل التطور الرقمي، إلى تقريبه من آليات التواصل التي "تعلم الطفل منذ سن الخامسة أو السادسة مهارات تساعده على التجاوب مع عالمه الرقمي، من أجل تطوير حس نقدي أثناء استخدام وسائل الإعلام". وأثار مدير عام الهاكا الانتباه إلى الإهمال الواضح الذي يشوب المشهد السمعي البصري الوطني من حيث البرامج الخاصة بالأطفال والشباب. ودعا السيد ناجي في الأخير جل الهيئات الافريقية إلى ضم جهودها وإرادتها إلى الهيأة العليا بغية إطلاق سلسلة أسبوعية استباقية خاصة ببلدان افريقيا مكونة من 52 برنامج حول التربية على الإعلام والمعلومة.
وقد شارك في أشغال هذا المؤتمر كل من السيدة رابحة الزدكي والسيدة خديجة الكور، إلى جانب السادة محمد عبد الرحيم وبوشعيب أوعبي وطالع سعود الأطلسي، أعضاء المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري.
وأعرب السيد كواسي جيان-أبيتانغ، رئيس الشبكة الإفريقية لهيئات تقنين الاتصال، بدوره عن امتنانه للسيدة لمريني الوهابي بحكم الدور الحيوي الذي تلعبه الهيأة العليا والمغرب في هذا الميدان، مبرزا الأهمية البالغة التي يكتسيها مفهوم التربية على الإعلام، خاصة منه الرقمي، بالنسبة للدول الإفريقية. وأوضح السيد أبيتانغ أن الحاجة إلى مواكبة سرعة التقدم الإعلامي عبر التوعية الأخلاقية من أعتد العوائق التي تقف في سبيل إعمال مفهوم التربية على الإعلام والمعلومة داخل القارة الافريقية، إلى جانب التحديات المتعلقة بضعف التدابير المتخذة لضمان حماية الأطفال من مخاطر الإعلام.
كما هنأ السيد غي برجير، مدير قسم حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام بمنظمة اليونسكو، المغرب على إطلاق أول إذاعة خاصة بالتربية على الإعلام راديو ميل، باعتبارها أول إذاعة من نوعها في العالم. كما اعتبر أن مبدئي الحق في الوصول إلى المعلومة وحرية التعبير، المنصوص عليهما في الهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة الستة عشر، حيث أوضح أن تفعيل هذه الأخيرة يستوجب تعزيز التربية على الإعلام الرقمي، وعلى مخاطر القرصنة والأمن السيبراني بالإضافة إلى جوانب أخرى.
وخلال مداخلتها، قدمت السيدة ديفينا فراو مايكس، أخصائية في سوسيولوجيا الإعلام، وخبيرة بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة وبالمفوضية الأوروبية، عرضا حول مكامن القوة والضعف للسياسات العمومية المهتمة بإشكالية التربية على الإعلام والمعلومة. كما شددت على الدور المحوري الذي يلعبه المقننون في التحسيس والتوعية والتنسيق بين مجالات التربية على الإعلام والمعلومة. وشجعت الهيئات الإفريقية على تعزيز الانخراط في علاقات تعاون بين مختلف المؤسسات والقطاعات للرفع من مردودية التربية على الاعلام ليس فقط عند الشباب بل أيضا في صفوف الآباء.
وشاركت كذلك في هذه المحادثات السيدة سوزان نيكولتشاف، مديرة المرصد الأوروبي للسمعي البصري، التي ركزت على الدور الفعال للمنهجية المعتمدة من أجل تفعيل المفهوم موضوع النقاش، ولا سيما عبر نسج شراكات بين مختلف المؤسسات لتعزيز هذه التربية، مبرزة الدراسة التي أجرتها الشبكة الأوروبية لهيئات التقنين بين سنتي 2014 و2017.
وفي إطار تبادل التجارب والخبرات بيت مختلف هيئات التقنين الإفريقية، خصصت إحدى الجلسات لعرض عدد من المقاربات التي قدمها مختلف ممثلو الجهات الوطنية والقطاعات الوزارية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية العاملة في مجال حماية الطفل، بالإضافة إلى متعهدي القطاع السمعي البصري الوطني، العموميين والخواص، فضلا عن ممثلي الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري. حيث ركزت تجربة الهيأة العليا التي وردت في عرض السيد طالع سعود الأطلسي، والتي قدمها السيد نورالدين بن مالك، إطار بالهيأة العليا، على المجالات المكرسة لمقاربة الحماية والوقاية المتعلقة بالتربية على الاعلام والمعلومة في الترسانة القانونية التي تنظم قطاع الاتصال السمعي البصري الوطني. كما تطرق عرض السيد شفيق اللعبي، نائب مدير تتبع البرامج، بالخصوص إلى الاتصال الآمن بشبكة الإنترنت والدور الرئيسي للمدرسة في التربية على الاعلام والمعلومة، مشيرا إلى أن هذا الحقل يمثل مشروعا فتيا يدخل ضمن أولويات الهيأة العليا.
وفي ختام هذا اللقاء، أكدت السيدة لمريني الوهابي، رئيسة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، إلى أن هذا المؤتمر يشكل نقطة انطلاق لعدة مشاريع مستقبلية تطمح لتعزيز وتفعيل مفهوم التربية على الاعلام والمعلومة، ومن بينها اعتماد إعلان الرباط لحماية الطفولة والتربية على الإعلام. وأوضحت السيدة الرئيسة أن أهم محاور الإعلان سيتم مناقشتها إبان المؤتمر التاسع للشبكة الإفريقية لهيئات تقنين الاتصال بالكاميرون.
وفي الأخير، يجدر التذكير بالهيئات العضوة في الشبكة الافريقية لهيئات تقنين الاتصال التي شاركت في هذا المؤتمر:
- اللجنة الوطنية للإعلام بغانا (رئاسة الشبكة)
- المجلس الوطني للاتصال بالكاميرون (نيابة رئاسة الشبكة)
- الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بالبنين (الكتابة التنفيذية للشبكة)
- المجلس الأعلى للاتصال بالنيجر
- الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بالتوغو
- المجلس الأعلى للاتصال بغينيا
- المجلس الأعلى للاتصال ببوركينا فاسو
- الهيئة المستقلة للاتصالات بجنوب افريقيا
- هيئة الإذاعة والتلفزة بالرأس الأخضر
- هيأة ضبط الاتصال التنزانية
- الهيأة العليا للاتصال بمالي
- الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بالكوت ديفوار
- المجلس الأعلى للاتصال بإفريقيا الوسطى
- المجلس الوطني لتقنين السمعي البصري بالسينغال
- الهيأة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري بتونس