الهاكا تنظم ندوة بشراكة مع مجلس أوروبا حول التنوع الثقافي واللغوي والتربية على الإعلام
نظمت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، في إطار انفتاحها على التجارب الأجنبية في المجال السمعي البصري، ندوة حول محورين أساسيين " تعزيز التنوع الثقافي واللغوي" و"التربية على الإعلام" بشراكة مع مجلس أوروبا، وذلك يوم الأربعاء 10 ماي 2017، حيث قدم الموضوع الأول السيد أوليفي غربير، محامي في القطاع الإعلامي لدى المكتب الفدرالي السويسري للاتصالات، أما الموضوع الثاني فقد قامت بعرضه السيدة ستفاني كوماي، مسؤولة إدارية في الهيأة الايرلندية للاتصال السمعي البصري.
وقد شكلت هذه الندوة فرصة سانحة لتبادل المعرفة والتجربة والخبرة بين موظفي وأطر الهيأة والخبيران اللذان تطرقا لعدة إشكاليات وتحديات التي يواجهها الإعلام في بلديهما على حد سواء.
وقد قدم السيد أوليفي غربير عرضا حول الرهانات التي تواجهها وسائل الإعلام السويسرية من أجل تعزيز التنوع الثقافي واللغوي، حيث سلط الضوء على الخاصيات الثقافية واللغوية (الفرنسية، الألمانية، الايطالية، الرومانشية) بسويسرا، مشيرا إلى أنها تعد جزءا لا يتجزأ من مقومات هذا البلد. وتابع في السياق نفسه أن الحكومة السويسرية تسهر على النهوض بالهوية الوطنية وتشجع الانسجام المجتمعي من خلال وسائل الإعلام. كما ركز على الرهانات التي تعترض طريق وسائل الإعلام الوطنية، موضحا أن سويسرا لا تتوفر على الموارد الكافية في المجال السمعي البصري رغم غناها اللغوي وقربها من الأسواق الأوروبية المنافسة.
وقد أشار أيضا السيد غربير إلى تجربة الشركة السويسرية للإذاعة والتلفزة وكذا إلى الدور الذي يلعبه المكتب الفدرالي السويسري للاتصالات، وهي المؤسسة التي تقوم بالرقابة على وسائل الإعلام باعتبارها الهيأة المقننة من جهة، إضافة إلى الصلاحيات التي تخولها لها الوزارة الوصية على القطاع من جهة أخرى. كما أكد أن المكتب الفدرالي نادرا ما يصدر غرامات مالية في حق المتعهدين نظرا لعدم استقلاليتهم المطلقة، كذلك لأن هاجس السمعة يظل يطاردهم.
ولم تفت السيد غربير فرصة التأكيد على تقرير أصدره المكتب الفدرالي السويسري للاتصالات سنة 2012 حول "دعم التفاهم والانسجام الوطني داخل الشركة السويسرية للإذاعة والتلفزة"، والذي يعرض نتائج رصد وتتبع البرامج وتصريحات الشركة السويسرية للإذاعة والتلفزة حول أداءها الخاص من أجل تعزيز التآزر والتبادل بين الجهات اللغوية.
من جهتها، عرّفت السيدة ستيفاني كوماي بالنموذج الايرلندي في مجال التربية على الإعلام، حيث قدمت نبذة تاريخية حول ظهور تقنين وسائل الإعلام بإيرلندا عقب تنامي ظاهرة القرصنة الإذاعية. كما أوضحت أن المشهد السمعي البصري قد عرف تنوع وتعدد وسائل الإعلام على إثر ذلك، لا سيما المحطات الجمعوية.
وقد تطرقت الخبيرة إلى دور الهيئة الايرلندية للاتصال السمعي البصري في تعزيز التربية على الإعلام، مشيرة إلى أن القانون يلزم هيئة التقنين ب"الاضطلاع بالبحث والأنشطة الرامية إلى النهوض بالتربية على الإعلام وتشجيعها وتطويرها". وأكّدت في هذا السياق على أن الهدف الرئيسي هو " ترويج المهارات والمعارف التي تمكن المواطنين من اختيار محتوى الوسائط الإعلامية بشكل واعي، الذي يستهلكونه وينتجونه وينشرونه". بيد أن الصعوبة التي تواجهها هيئة التقنين عند تفعيلها للمقتضيات القانونية سالفة الذكر تكمن في الطبيعة المعقدة والمتغيرة لوسائل الإعلام. واستدلت في هذا الصدد بأمثلة مستمدة من الواقع بما فيها الباروديا الساخرة على اليوتوب والأخبار الزائفة ومحتويات أخرى ينشرها من يلقبون ب "الترولات".
وأكدت الخبيرة على المشروع الذي تقوده الهيئة الايرلندية من أجل النهوض بالتربية على الإعلام، والذي تسعى من خلاله إلى إعمال ثلاث مهارات أساسية وهي: الفهم والتحليل النقدي للمحتوى والولوج إلى البث الرقمي واستعماله، وكذا المشاركة المسؤولة والأخلاقية في إنتاج المحتويات الإعلامية. كما أشارت إلى مجموعة من المؤشرات المرتبطة بهذه المهارات، والتي تهم أساسا تقييم المحتوى المعروض واستيعاب المناهج التحريرية فضلا عن الشفافية في مجال التعددية...
وقد اختتم هذا اللقاء بمائدة مستديرة عرفت مناقشات قيمة وغنية شارك فيها الحضور بحيوية لافتة.