السيد ناجي يؤكد أمام ناشطين بالمجتمع المدني في مجال الإعلام المحلي بمدينة زاكورة أن خبر القرب هو أصل ومستقبل الصحافة
تشكل مهارات وكفاءات الصحفي المحلي أساس مهنة الصحافة بجل أنواعها عبر أصقاع العالم، وذلك منذ ردح من الزمن وفي مختلف السياقات التي تطورت فيها هذه المهنة، وبالتحديد منذ صدور صحيفة "لا كازيط" التي أسسها تيوفراست رينودو مطلع القرن السابع عشر (1631). هكذا استهل السيد جمال الدين ناجي المحاضرة التي ألقاها في إطار المنتدى الوطني حول إعلام القرب ورهانات التنمية الذي نظمته يومي 31 مارس وفاتح أبريل 2018 جمعية زاكورة للصحافة والإعلام، بشراكة مع المجلس الإقليمي بزاكورة، وبتعاون مع ماستر التحرير الصحافي والتنوع الإعلامي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة ابن زهر.
ولم تفت مدير عام الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري خلال عرضه هذا فرصة التأكيد على الدور المناط بالإعلام، والذي يتجلى أولا في التربية والترفيه وإخبار الجمهور، وذلك عن طريق نقل القيم والمعارف والقواعد السلوكية التي من شأنها أن تيسر عملية الإدماج في المجتمع. كما أوضح في هذا الصدد أنه ينبغي على مهني الإعلام التنقيب في الفضاء المحلي وفي الواقع المعاش للمواطن وفي حياته اليومية من أجل الوصول إلى المستجدات من خلال وعبر المواطن الذي يعتبر المصدر الأولي للمعلومة؛ فالصحافة الديمقراطية في آخر المطاف هي التي يصنع فيها المواطن المعلومة ويستفيد منها في المنظومة الديمقراطية ودمقرطة الحكامة، من الجانب المحلي، ومن ثم المجتمعي .وقال مسترسلا أنه لا يختلف اثنان في أن تناقل القيم المجتمعية والتفاوض بشأن السلط على الصعيد الوطني يتم محليا أولا. كما أضاف أنه بوسع الصحفي، الذي يتمتع بامتيازات أثناء مزاولته لعمله في البحث عن الحقيقة ونقلها، اقتحام بعض الفضاءات الممنوعة للعموم بسهولة مما يجعله ملزما بتقديم أخبار متنوعة ومختلقة بكل دقة وشفافية وكذا بالمساهمة في تشييد التراث المعلوماتي وتعزيز الثقافة المحلية.
وأفاد مدير عام الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري أن صحافة القرب غالبا ما تنصاع للتضليل ولدقات ناقوس الخطر الخادعة، بل وحتى تقبع تحت طائلة "الضجة الإعلامية" بحجة الضغط الذي يفرضه عليها تراجع نسب الجماهير، كما أنها صارت تدخل في مضمار سباق محموم ومتعطش لكل ما هو"مدهش"، ومزيف وكاذب على الأرجح، إذ لا يتعلق الأمر بنسب الجماهير فقط بل يتعداه إلى كل ما هو مدر للدخل... الإشهار مثلا، عن طريق البرمجة التقليدية أو بعدد النقرات و"الإعجاب"... وفي هذا السياق، أكد السيد ناجي أنه من واجب الصحفي الذي قد يعتبر صانع المعلومة وكذا الرأي العام وموجهه، احترام أخلاقيات المهنة وذلك بالوقوف عند أدائه لواجبه ودوره كصحفي فقط؛ أي باعتباره وسيطا شفافا ونزيها وأمينا.
كما أشار السيد ناجي إلى أن اجتياح وسائل التواصل الاجتماعي لكافة بقاع العالم، فضلا عن الاقتحام المتزايد للربط الالكتروني داخل بلدان الجنوب أو التي يصطلح عليها "بالبلدان الفقيرة من حيث المعلومات" يشكل أرضية خصبة لانتشار الأخبار الدولية، وخوارزميات "غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون" و"الأخبار الزائفة" عبر العالم، وذلك على حساب الأخبار المحلية التي تؤثر على حياة المواطنين اليومية. وخلص بالتالي المدير العام إلى أنه يتوجب على صحافة التحقيق وضع إعلام القرب في مقدمة أولوياتها مع العمل على توفير مضامين سمعية بصرية مفيدة وذات جودة تغني رصيد المتلقين وذلك بغية مساعدتهم على مواجهة العولمة السلبية للمعلومة التي يتم التلاعب فيها دوما؛ بما فيها التلاعب بالمعلومات بين الدول (ونذكر على سبيل المثال حرب الانترنيت التي تشنها عناوين الصحف على روسيا في الآونة الأخيرة).
والجدير بالذكر أن هذا المنتدى تمحور حول أربعة مواضيع أساسية وهي "الإعلام والسياسات العامة" و"الإعلام بين مطرقة القانون وسندان الأخلاقيات"، ثم "الإعلام وأطروحة القرب" و"التجارب الإعلامية تحت المجهر". كما تجدر الإشارة إلى أن أعمال هذا المنتدى قد اختتمت بإصدار إعلان زاكورة*.
وقد شدد المشاركون في هذا الإعلان على دور الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، ومراكز البحوث، والخبراء والمبدعين في مجالات الثقافة في تعزيز مبدأ التنوع الاجتماعي والسياسي والأيديولوجي، وكذا العمل على تطوير الكفاءات المحلية وتعزيز قدراتها على القيام بهذه المسؤولية، وذلك من خلال التكوين والاهتمام بمتطلباتها المهنية والاجتماعية، وفتح الأبواب في وجهها للنفاذ إلى المعلومة وإتاحة الفرصة لها لمتابعة ومواكبة الشأن العام. وعلاوة على ذلك، فقد شجع المشاركون الأطراف المعنية على اعتماد صحافة القرب، كنموذج ناجح، لترجمة مبدأ المشاركة الفاعلة للمواطنات و المواطنين، في متابعة قضاياهم وكل ما يعنيهم والمساهمة في بلورة رأي عام مطلع وواع بحقيقة مجتمعه.
وقد عرف هذا اللقاء حضور عدد من ممثلي ومسؤولي النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، واليونسكو، وجمعية عدالة و مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لحرية الصحافة، بالإضافة إلى ممثلي إعلام الجهة والهيئات المنتخبة خاصة من مدينة زاكورة، فضلا عن أساتذة وطلاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن زهر.
تحميل :