الإركام يكرم الراحل ادريس بنزكري بتسليط الضوء على التنوع الثقافي واللغوي
نظم مركز الدراسات الأنثروبولية والسويسولوجية التابع للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (الإركام)، يوم الجمعة 20 مايو، لقاء علميا تخليدا لذكرى المرحوم ادريس بنزكري، وذلك بمشاركة ممثلي منظمات وطنية ودولية و كذا فاعلين جمعويين و نشطاء في مجال حقوق الإنسان.
وكان هذا اللقاء فرصة لتسليط الضوء على المساهمة الفريدة والمهيكلة للراحل بنزكري في قضية التنوع الثقافي واللغوي بصفته ناشطا في مجال حقوق الإنسان و باحثا، بالإضافة إلى كونه مؤسسا لهيئة الإنصاف والمصالحة ورئيسا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وتجدر الإشارة إلى أن الراحل ادريس بنزكري، الذي ازداد سنة 1950 وتوفي سنة 2007، قد شغل منصب رئيس هيئة الإنصاف و المصالحة، قبل أن يتم تعيينه رئيسا للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، المسمى سابقا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. كما قضى خلف القضبان عقوبة حبسية دامت 17 عاما من 1974 إلى 1991، لكونه كان زعيما لمنظمة "إلى الأمام". و بعد الإفراج عنه، حصل على شهادة الماجستير في القانون الدولي من جامعة إسكس ببريطانيا، ومن تم ركز اهتمامه على دراسة اللغة الأمازيغية وعلم الصوتيات و تاريخ الشعر الأمازيغي خلال الثلاثينات، مع العمل على استمرار أنشطة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان كعضو في مكتبها الوطني.
وقد شارك السيد جمال الدين ناجي، المدير العام للهاكا (بصفته عضو سابق في المكتب الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان و مسؤول سابق عن التواصل بهيئة الإنصاف و المصالحة) في هذا اللقاء الذي عقد بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار و التنمية (21 مايو).
السيد جمال الدين ناجي، المدير العام للهاكا، يدلى بتصريحاته للصحافة
وبهذه المناسبة، ركز السيد ناجي الذي حضر اللقاء بدعوة من الإركام، على عمل الهاكا و الاهتمام الذي أولته هذه الأخيرة للتنوع الثقافي والذي هو أحد خياراتها الاستراتجية، و ذلك وفقا لمقتضيات الدستور المغربي و الذي نص في ديباجته: "على تعدد الهوية المغربية و التزام المملكة المغربية بمنع و مكافحة جميع أشكال التمييزبسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الإنتماء الاجتماعي و الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي ظرف شخصي معين ضد أي كان". كما أضاف أن من بين مهام الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، السهر على احترام التعبير التعددي للرأي و الفكر و الحق في الحصول على المعلومة في المجال السمعي البصري و ذلك مع احترام القيم الحضارية الأساسية و قوانين المملكة.
وفي هذا الصدد، ذكّر السيد ناجي بما قامت به الهاكا من أنشطة في سياق التعدد الثقافي، كتنظيم الأيام الدولية للتنوع الثقافي سنة 2013 والاستراتيجية المعتمدة من لدن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري (2013 -2017 ) و التي تعتبر التعدد و التنوع بمثابة ورش مهيكل لمؤسسة التقنين و الحكامة الجيدة ، لخدمة المشروع الديموقراطي المحدد بوضوح في دستور 2011.
ولخّص المدير العام للهاكا حديثه بقوله أن:" التنوع الثقافي و اللغوي في المغرب هو واقع ملموس للألفية الجديدة بوصفه ممارسة يومية وشبه غريزية للمواطنين المغاربة ، إلا أن تقنينها يتطلب عملا جادا و حكيما من أجل وضع آليات و قواعد محددة للتدبير والتنمية وفق منهجية معينة."
وخلال النقاش، أشار المشاركون في هذا اللقاء إلى أن دسترة الأمازيغية كلغة رسمية، إلى جانب العربية، يندرج ضمن الإطار ذاته، إذ يشكل ،بالإضافة إلى رمزيته السياسية والحضارية، منعطفا تاريخيا في مسلسل وضع الآليات القانونية و المؤسساتية لتدبير وتعزيز التنوع الثقافي بالمملكة.
كما أبرز المتدخلون أن المغرب يعد حاليا نموذجا يُقتدى به على الصعيد الإقليمي في تدبير التنوع الثقافي، مضيفين أن دسترة الطابع التعددي والغني للهوية المغربية تترجم الإرادة السياسية للرفع من شأن جميع مكونات الهوية المغربية والحفاظ على وحدة المجتمع، وذلك في ظل تلاحم يستند على المواطنة الديموقراطية الخلّاقة و المنفتحة على العالم الخارجي.
وأوضح المتدخلون أيضا الأهمية التي يوليها المغرب لقيم الانفتاح على اللغات الأجنبية و تعزيز قيم الاعتدال والتسامح والحوار والتفاهم المتبادل بين مختلف الثقافات و الحضارات. و من جهة أخرى، طالب المتدخلون بإصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، و إحداث المجلس الوطني للغات و الثقافة المغربية من أجل مواكبة دينامية التعدد الثقافي و اللغوي التي تميز المجتمع المغربي منذ الأزل. وفي هذا الصدد، أكد المشاركون على ضرورة وضع آليات جديدة تضمن تعزيز هذا التعدد على المستويات المحلية والإقليمية، في ظل انفتاح المغرب على محيطه الإقليمي و الدولي.
و تجدر الإشارة إلى أنه، في دجنبر 2002، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة 21 ماي يوما عالميا للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية، وذلك لإغناء المبادرات الرامية إلى دعم التنوع و فتح آفاق جديدة للتنمية المستدامة على المستوى الوطني و الإقليمي والمحلي.