الهاكا في فعاليات منتدى المعهد الدولي للاتصالات حول "تقنين مرن" في ظل تحديات خطيرة وأنظمة رقمية معقدة
اجتمعت قرابة أربعين مؤسسة، من كل أنحاء العالم، متخصصة في مجال الصناعة، والبحث العلمي، وتقنين المواصلات ووسائل الاعلام السمعية البصرية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما فيهم الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري المغربية، أعضاء المعهد الدولي للاتصالات، بالعاصمة مكسيكو، من 8 إلى 11 أكتوبر، لمناقشة تطور (أو "ثورة"؟) الأنظمة الرقمية العالمية والتحديات الخطيرة والعاجلة، لما بعد الحداثة، التي تواجهها الدول والمجتمعات والأفراد والسياسات العمومية والشركات الصناعية وهيئات التقنين... وقد عرف "أسبوع التقنين" هدا مشاركة عدة مقننين، ولا سيما، الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري بالمغرب، ولجنة الاتصالات الفدرالية بالولايات المتحدة الامريكية، ومكتب الاتصالات بالمملكة المتحدة، والمجلس الأعلى للسمعي البصري بفرنسا، والمجلس الأعلى للسمعي البصري ببلجيكا، والمكتب الفدرالي للاتصالات بسويسرا، والهيئة المستقلة للاتصالات بجنوب أفريقيا، وهيئة تقنين الاتصالات بإيطاليا، والوكالة الوطنية للاتصالات السلكية واللاسلكية بالبرازيل، ولجنة الاتصالات النيجيرية، واللجنة الوطنية للاتصالات بتايوان، واللجنة الكندية للإذاعة والتلفزيون والاتصالات، واللجنة الوطنية لتقنين الاتصالات بسانت لوسيا، والهيئة الأسترالية للاتصالات ووسائط الإعلام، ولجنة التجارة في نيوزيلندا، وإدارة الفضاء الإلكتروني الصينية، ولجنة تقنين الاتصالات المنغولية، ولجنة معايير الاتصال الكورية، وهيئة التقنين بجبل طارق، وهيئة تقنين الاتصالات القطرية، والمعهد الفيدرالي للاتصالات بالمكسيك، البلد المستضيف لهذا المنتدى، بالإضافة إلى حضور أكبر صناع قرار عمالقة القطاع: فايسبوك وأمازون، ميكروسوفت، موزيلا، نوكيا، والت ديزني، شركة إيه تي أند تي (AT&T )، شركة توينتي فرست سينتشوري فوكس (21th Century Fox)، شركة الإنترنت للأرقام والأسماء الممنوحة أو آيكان...
وقد عرف هذا الحدث تنظيم منتدى خاص بالمقننين لمدة يومين، وكذا مؤتمرا عاما استغرق يومين كذلك مفتوحا أمام كل أعضاء المعهد الدولي للاتصالات (حوالي مئة مشارك ومشاركة تدخلوا باللغة الإنجليزية أو الاسبانية فقط). وقد شارك خلال الأربعة أيام السيد جمال الدين ناجي، مدير عام الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، والسيد المهدي لعروسي إدريسي، مدير الدراسات القانونية بالهيأة العليا، في ست عشرة جلسة وحلقة نقاش تم التطرق خلالها لمعظم التحديات التي يفرضها حاليا التطور التكنولوجي والتساؤلات التي يطرحها على مستوى التقنين والسياسات العمومية للدول، والاقتصادات الوطنية، فضلا عن حقوق وحريات الأفراد والجماعات، والمخاطر الأمنية للأنظمة والأمم، وتطلعات المستخدمين، وحماية المستهلكين، وضمان جودة المحتويات، والمنافسة التجارية، علاوة على الانعكاسات الخارجية لهذه التكنولوجيات والمضامين والذكاء الاصطناعي وخدمات المحتوى المستقل عن المشغل إلخ. وحسب بعض المشاركين تقتضي هذه التحديات والرهانات اللامتناهية تعزيز التعاون الدولي بين جميع الفاعلين والدول والقطاعات المعنية (الإعلام، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والحكومات، والبرلمانات، والصناعات، والباحثين...) من أجل تتبع مشترك عن كثب للتطورات السريعة التي يشهدها العصر الرقمي والاقتصاد الرقمي قصد معالجة النظام الرقمي انطلاقا من "رؤية شاملة للصالح العام"، وهي مقاربة تسعى إلى السلام، والتقاسم، والديموقراطية بحقوقها وحرياتها، وكذا حرية الاتصال والحقوق المترتبة عنها، والتنمية المستدامة والمنصفة للإنسان داخل المجتمعات وبين الأمم.
وخلال اليوم الأول لهذا المنتدى، اتخذ السيد جمال الدين ناجي مفهوم المقاربة المجتمعية التي تنبع من "الإنسانية أو الإنسية الرقمية" الناشئة كموضوع رئيسي لمداخلته، وذلك اعتمادا على التساؤل المطروح خلال افتتاح هذا الجمع المغلق: هل ينبغي الاستمرار في التقنين أم إلغاؤه؟ ولماذا يجب تقنين منصات خدمات المحتوى المستقل عن المشغل (OTT)؟ إذ أكد السيد ناجي أن الإجابة عن هذا التساؤل تتطلب مراعاة المعايير الأربعة الآتية: الاتصال بالأنترنيت، والالمام بالقراءة والكتابة وبعالم الرقميات، والتنمية البشرية، وعدد أو نسب الابتكارات أو الاختراعات في هذا المجال، بصرف النظر عن وضع البلد الذي يتم دراسته. وأعرب مدير عام الهيأة العليا كذلك عن قناعته بضرورة الاستفادة من تجربة المغرب في ميدان "الإنسانية الرقمية العالمية" باعتباره البلد الافريقي من الأكثر ارتباطا بالأنترنيت، والذي راكم خبرة عالية في مجال التقنين مستندا على نهج استشرافي، لعالم رقميات ما بعد الحداثة، في نماذجه وتطبيقاته وأبحاثه. كما اثار تساؤلا عن كيفية ضمان ثقة المواطنين، والمهنيين، والسياسيين، والمستثمرين، والمستخدمين والمستهلكين كبارا وصغارا، في هذا العالم الجديد... بالموازاة مع العمل على تحقيق الأهداف الرئيسية للإنسانية: السلام، و"التعايش" والمواطنة الديموقراطية (المتصلة بشبكة الانترنيت) ...؟ موضحا أن التقنين "الذي يتسم بالمرونة، ويخضع باستمرار للمراجعة، ويسير قدما نحو التقنين التشاركي والتقنين الذاتي" هو الضامن الوحيد لمستقبل زاهر "للإنسانية الرقمية" على غرار ما تمت مراكمته منذ إصدار "الإعلان العالمي لحقوق الانسان" سنة 1948. وقد خلص السيد ناجي إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر، والالتزام بالتواضع إزاء التحولات الرقمية، على منوال مداخلة السيد أجيت باي، رئيس مؤسسة التقنين الامريكية، ضيف شرف هذا الحدث الدولي، (والذي عينه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على رأس لجنة الاتصالات الفدرالية شهر يناير 2017) الذي سلط الضوء من خلالها على أهمية التحلي ب"التواضع" أمام الثورات الرقمية لكن مع الحزم في التعامل مع حقوق المستخدمين و السهر عليها.