
في إطار العلاقات المؤسساتية التي تجمع الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بالهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، تم اشراك هذه الأخيرة لأول مرة في البحث الميداني السنوي الذي تجريه المؤسسة المشرفة على قطاع المواصلات بصفة دورية، كل سنة، لتجميع مؤشرات استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال من قبل الأسر والأفراد بالمغرب. كما تم انجاز هذا البحث الميداني (الخاص بسنة 2017) بالتنسيق مع وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمندوبية السامية للتخطيط. وقد شمل هذا الاستقصاء عينة تمثيلية وطنية تعدادها 12.200 أسرة وفرد، من كلا الجنسين ومن كل الفئات العمرية ومن جميع ربوع المملكة. وقد تضمنت هذه الدراسة أسئلة اقترحتها الهيأة العليا على الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات متعلقة بالقطاع السمعي البصري بالاعتماد على المؤشرات نفسها (التجهيز والاستعمال).
وتثبت النتائج المحصلة والموزعة حسب الاسر والافراد أن هناك أثر واضح ومتنامي للتقارب بين الاعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصال على المعدات والاستعمالات بالمغرب، الذي يعتبر أحد البلدان الافريقية الأكثر ربط بالأنترنيت، حيث أن 70.2 بالمائة من الأسر المغربية المتصلة بالأنترنيت، أي أن ما يعادل 24 مليون مستعملا يشاهد التلفزة عبر الانترنيت أساسا لمدة ساعة واحدة يوميا على الأقل بنسبة 67.2 بالمائة، ويستمع للإذاعة أيضا بنسبة 17.5 بالمائة. كما كشفت هذه الدراسة عن بعض النتائج المتعلقة بمسألة التقارب بين الاعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصال على مستوى التجهيز والاستعمال، أهمها ما يلي:
وتترجم نتائج هذا التقارب كالاتي:
ومن بين المؤشرات الأخرى التي تؤكد تبنى المغربيات والمغاربة، إن صح القول، للتقارب: يلج ثلث المغاربة إلى شاشة ثانية (هاتف ذكي، حاسوب، لوحة الكترونية) خلال مشاهدتهم للتلفزة. ويستخدم أزيد من نصف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة الهاتف الذكي او الحاسوب أو اللوحة الالكترونية أثناء مشاهدتهم للتلفزة.
إلا أن التلفاز يظل الوسيلة الأساسية لمشاهدة البرامج السمعية البصرية. فيوضح الترتيب التصاعدي للوسائل أكثر استخداما من قبل المغاربة للاطلاع على المضامين السمعية البصرية، اعتمادا على سلم من 1 إلى 10، احتلال التلفاز الصدارة بمعدل 7.12، علي عشرة، مقابل 5.4 بالنسبة للهاتف الذكي، و4.41 للراديو. أما فيما يخص الحاسوب واللوحة الالكترونية، فقد نالا أعلى معدل من قبل صنف الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة. وفيما يتعلق بالخدمات التلفزية المسترسلة، تستخدم تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية من طرف 85.2 بالمائة من المغاربة (يلجأ إليها 42.8 بالمائة غالبا، و28.9 بالمائة أحيانا و14 بالمائة نادرا). أما فيما يخص خدمات البث الأرضي، فيستفيد منها 39.9 بالمائة من الأفراد، فيما يبلغ معدل استخدامهم للأنترنيت 10.9 بالمائة. وبما أن جميع الأسر تقريبا تتوفر على جهاز التلفاز، يمكن أن نستنتج ما يلي: يبقى التلفاز الوسيلة الأكثر استعمالا لدى الأسر. كما أن 93.2 بالمائة من الأسر تؤكد توفرها على جهاز تلفاز واحد على الأقل، متبوعا بأجهزة الاستقبال الإذاعية التي تصل إلى نسبة 51.8 بالمائة. كما تصرح 18.5 بالمائة من الأسر التي تم استقصائها أن بحوزتها جهاز تلفاز موصول بالأنترنيت.
وبخصوص استهلاك المضامين السمعية البصرية، نستخلص ما يلي:
إننا نشهد في الوقت الراهن، من خلال ظاهرة التقارب بين وسائل الإعلام الملقبة ب "الكلاسيكية" أو "التقليدية" (أحادية الاتجاه و"وسائل الإعلام الجماهيرية")، وتكنولوجيا المعلومات والاتصال (منصات تفاعلية ذات العرض الفردي، خاصة بالنسبة ل "مستخدمي الانترنيت عبر الهواتف النقالة")، ميولا واضحا لدى المغاربة، خاصة منهم الشباب، إلى استهلاك المضامين السمعية البصرية عبر تكنولوجيا المعلومات والاتصال. وقد انتشرت أنماط استعمال جديدة وعادات خاصة مع ظهور الوسائل السمعية البصرية الجديدة، موازاة مع الاتصال الهائل بالأنترنيت عند الأسر والأفراد في شتى ربوع المملكة، في المناطق الحضرية، كما القروية باختلاف طفيف. يسلك التقنين السمعي البصري اليوم داخل مشهدنا الإعلامي منحى جديدا، في ظل العصر الرقمي الذي يطور باستمرار الأجهزة وأنماط الاستعمال عن طريق ظاهرة التقارب.